فصل: فَصْلٌ: (في زكاة الماشية المختلفة في النوع)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. كتاب الزكاة:

هي أنواع تأتي في أبواب (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) بَدَءُوا بِهِ وَبِالْإِبِلِ مِنْهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي لِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ (إنَّمَا تَجِبُ مِنْهُ فِي النَّعَمِ: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) فَتَجِبُ فِي الثَّلَاثِ إجْمَاعًا (لَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُتَوَلِّدِ الْمَذْكُورِ (وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَخَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثٌ وَعِشْرِينَ أَرْبَعٌ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَسِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَسِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ثُمَّ) فِي الْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْ لَفْظِهِ«فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا زَادَ وَاحِدَةً وَهُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِ أَرْبَعِينَاتِ فَفِيهِ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ«فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ»، فَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِذَلِكَ وَذَكَرُوا الضَّابِطَ الشَّامِلَ لَهُ بَعْدَهُ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ. وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَتَيْنِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا فَلَوْ تَلِفَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَ مِنْ الْوَاجِبِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَا زَادَ بَعْضُ وَاحِدَةٍ يَجِبُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالصَّحِيحُ حِقَّتَانِ وَمَا بَيْنَ النُّصُبِ عَفْوٌ وَفِي قَوْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ مَعَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَجَبَتْ شَاةٌ. وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ إنْ قُلْنَا التَّمَكُّنُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَبِنْتُ الْمَخَاضِ لَهَا سَنَةٌ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَاللَّبُونُ سَنَتَانِ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ (وَالْحِقَّةُ ثَلَاثٌ) وَطَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ (وَالْجَذَعَةُ أَرْبَعٌ) وَطَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّ الْأُولَى آنَ لِأُمِّهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَخَاضِ أَيْ الْحَوَامِلِ، وَإِنَّ الثَّانِيَةَ آنَ لِأُمِّهَا أَنْ تَلِدَ فَتَصِيرَ لَبُونًا إنَّ الثَّالِثَةَ اسْتَحَقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ أَوْ أَنْ تُرْكَبَ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ. وَإِنَّ الرَّابِعَةَ تَجْذَعُ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَيْ تُسْقِطُهُ (وَالشَّاةُ) الْمَذْكُورَةُ (جَذَعَةُ ضَأْنٍ لَهَا سَنَةٌ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ لَهَا سَنَتَانِ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ. (وَقِيلَ سَنَةٌ) وَمَا ذُكِرَ تَفْسِيرٌ لِلْجَذَعَةِ وَالثَّنِيَّةُ سَوَاءٌ كَانَتَا مِنْ الضَّأْنِ أَمْ مِنْ الْمَعْزِ. وَقَائِلُ الْأَوَّلِ فِيهِمَا وَاحِدٌ. وَكَذَا قَائِلُ الثَّانِي وَقُيِّدَتْ الشَّاةُ بِالْجَذَعَةِ أَوْ الثَّنِيَّةِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ غَالِبُ غَنَمِ الْبَلَدِ) وَالثَّانِي يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ مِنْهَا فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ غَنَمِ الْبَلَدِ إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا قِيمَةً أَوْ مِثْلُهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يُجْزِئُ الذَّكَرُ) أَيْ جَذَعُ الضَّأْنِ أَوْ ثَنِيُّ الْمَعْزِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ إنَاثًا لَصَدَقَ الشَّاةُ عَلَى الذَّكَرِ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأُنْثَى لِمَا فِيهَا مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَالثَّالِثُ يُجْزِئُ فِي الْإِبِلِ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ، وَالْجَامِعَةُ لَهَا وَلِلذُّكُورِ (وَكَذَا بَعِيرُ الزَّكَاةِ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ (عَنْ دُونِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهَا فَمَا دُونَهَا أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ النَّاقِصُ عَنْ قِيمَةِ شَاةٍ فِي الْخَمْسِ وَشَاتَيْنِ فِي الْعَشْرِ، وَثَلَاثٌ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعٌ فِي الْعِشْرِينَ وَالثَّالِثُ لَا بُدَّ فِي الْعَشْرِ مِنْ حَيَوَانَيْنِ بَعِيرَيْنِ أَوْ شَاتَيْنِ أَوْ بَعِيرٌ وَشَاةٌ، وَفِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ ثَلَاثَةِ حَيَوَانَاتٍ وَفِي الْعِشْرِينَ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبِإِضَافَتِهِ الْمَزِيدَةَ عَلَى الْمُحَرَّرِ إلَى الزَّكَاةِ أُرِيدَ الْأُنْثَى بِنْتُ الْمَخَاضِ فَمَا فَوْقَهَا. كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَلْ الْفَرْضُ فِي الْخَمْسِ جَمِيعُهُ أَوْ خُمُسُهُ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ أَنَّ جَمِيعَهُ فَرْضٌ (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ (فَابْنُ لَبُونٍ) وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُهَا. (وَالْمَعِيبَةُ كَمَعْدُومَةٍ) فَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، فَإِنْ عَدِمَ ابْنَ اللَّبُونِ أَيْضًا حَصَلَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ بِنْتُ الْمَخَاضِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ وَالْمَرْهُونَةَ كَالْمَعْدُومَةِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَلَا يُكَلَّفُ كَرِيمَةً) عِنْدَهُ أَيْ إخْرَاجَهَا وَإِبِلُهُ مَهَازِيلُ«لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (لَكِنْ تَمْنَعُ) الْكَرِيمَةُ عِنْدَهُ. (ابْنَ لَبُونٍ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ بِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَهُ. وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ لِعَدَمِ وُجُوبِ إخْرَاجِهَا كَالْمَعْدُومَةِ. (وَيُؤْخَذُ الْحِقُّ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ) عِنْدَ فَقْدِهَا فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ لَبُونٍ (لَا) عَنْ بِنْتِ (لَبُونٍ) عِنْدَ عَدَمِهَا. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى ابْنِ اللَّبُونِ عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ نَظَرًا إلَى أَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ جَابِرَةٌ لِفَضِيلَةِ الْأُنُوثَةِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي الْحِقِّ فَلَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ، بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ هُنَاكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا هُنَاكَ جَبْرُهَا هُنَا. وَقَوْلُهُ الْأَصَحُّ عَبَّرَ بَدَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ. قَالَ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَحَكَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
(وَلَوْ اتَّفَقَ) فَرْضَانِ فِي الْإِبِلِ. (كَمِائَتَيْ بَعِيرٍ) فَرْضُهَا بِحِسَابِ بَنَاتِ اللَّبُونِ خَمْسٌ وَبِحِسَابِ الْحِقَاقِ أَرْبَعٌ (فَالْمَذْهَبُ لَا يَتَعَيَّنُ أَرْبَعُ حِقَاقٍ بَلْ هُنَّ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ) وَالْقَدِيمُ يَتَعَيَّنُ الْحِقَاقُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ السِّنِّ أَوَّلًا بِدَلِيلِ التَّرَقِّي إلَى الْجَذَعَةِ الَّتِي هِيَ مُنْتَهَى الْكَمَالِ فِي الْأَسْنَانِ، ثُمَّ الْعُدُولُ إلَى زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ لِلْجَدِيدِ بِمَا فِي نُسْخَةِ كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ«فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَيَّ السِّنِينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَهُ مِنْ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَهُ لَهُ عَنْ أَبِيهِ فِي جُمْلَةِ حَدِيثِ الْكِتَابِ وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْجَدِيدِ، وَحُمِلَ الْقَدِيمُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْحِقَاقُ. وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِتَصْحِيحٍ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَصُحِّحَ طَرِيقُ الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَعَلَى الْقَدِيمِ إنْ وُجِدَتْ الْحِقَاقُ عِنْدَهُ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ نَفَاسَةٍ لَمْ يَجُزْ غَيْرُهَا وَإِلَّا نَزَلَ مِنْهَا إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ أَوْ صَعِدَ إلَى الْجِذَاعِ مَعَ الْجُبْرَانِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى الْحِقَاقَ. (فَإِنْ وَجَدَ) عَلَى الْمَذْهَبِ الْجَدِيدِ. (بِمَالِهِ أَحَدَهُمَا) أُخِذَ مِنْهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، سَوَاءٌ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْآخَرِ شَيْءٌ أَمْ وُجِدَ بَعْضُهُ إذْ النَّاقِصُ الْمَعْدُومُ. وَكَذَلِكَ الْمَعِيبُ وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ أَنْفَعَ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا. (فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ) مِنْهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَقِيلَ يَجِبُ الْأَغْبَطُ لِلْفُقَرَاءِ) كَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ إذَا وُجِدَ فِي مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَهُ أَنْ لَا يُحَصِّلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ يَنْزِلُ أَوْ يَصْعَدُ مَعَ الْجُبْرَانِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَصَعِدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَأَخْرَجَهَا وَأَخَذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا وَنَزَلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَهَا وَدَفَعَ مَعَهَا خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ. (وَإِنْ وَجَدَهُمَا) فِي مَالِهِ (فَالصَّحِيحُ تَعَيُّنُ الْأَغْبَطِ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ وَبِالْمَسَاكِينِ هُنَا جَمِيعُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِشُهْرَتِهِمْ يَسْبِقُ اللِّسَانُ إلَى ذِكْرِهِمْ وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ. (وَلَا يُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلِ. (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَغْبَطِ. (إنْ دَلَّسَ) الْمَالِكُ فِي إعْطَائِهِ. (أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي) فِي أَخْذِهِ. (وَإِلَّا فَيُجْزِئُ وَالْأَصَحُّ) مَعَ إجْزَائِهِ. (وُجُوبُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَغْبَطِ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيمَةُ الْحِقَاقِ وَقَدْ أُخِذَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ خَمْسُونَ. (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) كَمَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شِقْصٍ بِهِ. (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ تَحْصِيلُ شِقْصٍ بِهِ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ الْأَغْبَطِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَفِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ يُخْرِجُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ، وَقِيلَ: نِصْفُ حِقَّةٍ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَيَصْرِفُ ذَلِكَ لِلسَّاعِي. وَفِي إخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ قِيلَ: لَا يَجِبُ صَرْفُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وُجُوبُ صَرْفِهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا جُبْرَانُ الظَّاهِرَةِ وَمُرَادُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ نَقْدُ الْبَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَلِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفَاوُتِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُ كَيْفَ شَاءَ. وَلَا يَتَعَيَّنُ لِاسْتِحْبَابِهِ الشِّقْصُ بِالِاتِّفَاقِ.
(تَتِمَّةٌ): لَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ حِقَاقٍ وَأَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْحِقَاقَ مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَجُبْرَان وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ بَنَاتَ اللَّبُونِ مَعَ حِقَّةٍ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ فِي الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ يَنْظُرُ إلَى بَقَاءِ بَعْضِ الْفَرْضِ عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ. وَلَوْ وَجَدَ حِقَّتَيْنِ فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَعَ جَذَعَتَيْنِ وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، بَدَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ مَعَ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ، وَلَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَقَطْ فَلَهُ إخْرَاجُهُنَّ مَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَجُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ بَدَلَ الْحِقَاقِ وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ. كَذَا ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ الصُّورَتَيْنِ وَطَرَدَ الرَّافِعِيُّ الْوَجْهَ السَّابِقَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُمَا لِبَقَاءِ بَعْضِ الْفَرْضِ عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ الْمِائَتَيْنِ حِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا لَمْ يَجُزْ لِلتَّشْقِيصِ. وَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعَمِائَةٍ فَعَلَيْهِ ثَمَانُ حِقَاقٍ أَوْ عَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَيَعُودُ فِيهَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ مِائَتَيْنِ أَصْلٌ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِتَفْرِيقِ الْفَرْضِ (وَمَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَدِمَهَا وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) لَزِمَهُ (بِنْتُ لَبُونٍ فَعَدِمَهَا دَفَعَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) دَفَعَ (حِقَّةً وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) رَوَى ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ. وَصِفَةُ الشَّاةِ مَا تَقَدَّمَ فِي شَاةِ الْخَمْسِ وَالدَّرَاهِمِ هِيَ النُّقْرَةُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْخَالِصَةُ وَالشَّاتَانِ أَوْ الْعِشْرُونَ دِرْهَمًا هُوَ مُسَمَّى الْجُبْرَانِ الْوَاحِدُ، وَقَوْلُهُ: فَعَدِمَهَا أَيْ فِي مَالِهِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ وَجَدَهَا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ النُّزُولُ. وَكَذَا الصُّعُودُ إلَّا أَنْ لَا يَطْلُبَ جُبْرَانًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا كَمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا سَيَأْتِي. (وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) سَاعِيًا كَانَ أَوْ مَالِكًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.
(وَفِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ لِلْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا شَرْعًا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَمُقَابِلُهُ لِلسَّاعِي إنْ دَفَعَ الْمَالِكُ غَيْرُ الْأَغْبَطِ فَإِنْ دَفَعَ الْأَغْبَطُ لَزِمَ السَّاعِيَ أَخْذُهُ قَطْعًا. (إلَّا أَنْ تَكُونَ إبِلُهُ مَعِيبَةً) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الصُّعُودِ لِأَنَّ وَاجِبَهُ مَعِيبٌ وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّلَمَيْنِ وَهُوَ فَرْقُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ، فَإِذَا أَرَادَ النُّزُولَ وَدَفَعَ الْجُبْرَانَ قَبْلُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِزِيَادَةٍ. (وَلَهُ صُعُودُ دَرَجَتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ مَعَ) دَفْعِ (جُبْرَانَيْنِ بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَةٍ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ بِنْتِ اللَّبُونِ حِقَّةً، وَيَأْخُذُ جُبْرَانَيْنِ أَوْ يُعْطِيَ بَدَلَ الْحِقَّةِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ بِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَيَدْفَعُ جُبْرَانَيْنِ وَجْهُ الِاشْتِرَاطِ النَّظَرُ إلَى تَقْلِيلِ الْجُبْرَانِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ الْقُرْبَى الْمَوْجُودَةُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، وَلَوْ صَعِدَ مَعَ وُجُودِهَا وَرَضِيَ بِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ دَرَجَةٌ فِي الصُّعُودِ وَوُجِدَتْ فِي النُّزُولِ كَأَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا حِقَّةً وَوَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَفِي إخْرَاجِ الْجَذَعَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْجَوَازُ وَلَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ الْحِقَّةِ وَبِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ ثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ، أَوْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ الْمَخَاضِ الْجَذَعَةَ عِنْدَ فَقْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ. (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ جُبْرَانٍ مَعَ ثَنِيَّةٍ) يَدْفَعُهَا. (بَدَلَ جَذَعَةٍ) عَلَيْهِ عِنْدَ فَقْدِهَا. (عَلَى أَحْسَنِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الثَّنِيَّةَ وَهِيَ أَعْلَى مِنْ الْجَذَعَةِ بِسَنَةٍ لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْمَرَاتِبِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الثَّنِيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ انْتِفَاءُ نِيَابَتِهَا فَإِنْ دَفَعَهَا وَلَمْ يَطْلُبْ جُبْرَانًا جَازَ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا. (وَلَا تُجْزِئُ شَاةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ) لِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ أَخَذَ أَوْ رَضِيَ بِالتَّفْرِيقِ جَازَ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ حَقُّهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ. (وَتُجْزِئُ شَاتَانِ وَعِشْرُونَ) دِرْهَمًا. (لِجُبْرَانَيْنِ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّاتَيْنِ لِوَاحِدٍ وَالْعِشْرِينَ لِآخَرَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ تَوَجَّهَ جُبْرَانَانِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي جَازَ أَنْ يُخْرِجَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَنْ الْآخَرِ شَاتَيْنِ، وَيُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى قَبُولِهِ. وَكَذَا لَوْ تَوَجَّهَ ثَلَاثُ جُبْرَانَاتٍ فَأَخْرَجَ عَنْ أَحَدِهَا شَاتَيْنِ وَعَنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ عَكْسُهُ جَازَ بِلَا خِلَافٍ. (وَ) لَا شَيْءَ. (فِي) الْبَقَرِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ. (ابْنُ سَنَةٍ) وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ. (ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَكُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ لَهَا سَنَتَانِ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ: سَنَةٌ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ:«بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا». وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَفِي سِتِّينَ تَبِيعَانِ وَفِي سَبْعِينَ تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ، وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ بُلُوغِ الْإِبِلِ مِائَتَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ. (وَ) لَا شَيْءَ. (فِي الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فَشَاةٌ) أَيْ فَفِيهَا شَاةٌ. (جَذَعَةُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ) وَسَبَقَ بَيَانُهُمَا. (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرِّجْلِ نَاقِصَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.

. فَصْلٌ: [في زكاة الماشية المختلفة في النوع]

إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ كَأَنْ كَانَتْ إبِلُهُ كُلُّهَا أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً، أَوْ بَقَرُهُ كُلُّهَا جَوَامِيسَ أَوْ عِرَابًا أَوْ غَنَمُهُ كُلُّهَا ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا (أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ. (فَلَوْ أُخِذَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا أَوْ عَكْسُهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ) بِأَنْ تُسَاوِي ثَنِيَّةُ الْمَعْزِ فِي الْقِيمَةِ جَذَعَةَ الضَّأْنِ وَعَكْسُهُ. وَهَذَا نَظَرٌ إلَى اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَمُقَابِلُهُ نَظَرٌ إلَى اخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَالثَّالِثُ يَجُوزُ أَخْذُ الضَّأْنِ عَنْ الْمَعْزِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَقَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى جَزْمًا حَيْثُ تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيمَةَ الْجَوَامِيسِ دُونَ قِيمَةِ الْعِرَابِ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا عَنْ الْعِرَابِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ. وَلَا جُبْرَانَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فِيهِمَا. (وَإِنْ اخْتَلَفَ) النَّوْعُ. (كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ) مِنْ الْغَنَمِ وَأَرْحَبِيَّةٍ وَمَهْرِيَّةٍ مِنْ الْإِبِلِ وَعِرَابٍ وَجَوَامِيسَ مِنْ الْبَقَرِ. (فَفِي قَوْلٍ يُؤْخَذُ الْأَكْثَرُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَغْبَطُ) لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا شَاءَ مُقَسِّطًا عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ. (ثَلَاثُونَ عَنْزًا) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ. (وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ) مِنْ الضَّأْنِ (أَخَذَ عَنْزًا أَوْ نَعْجَةً بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبْعِ نَعْجَةٍ) وَفِي عَكْسِ الصُّورَةِ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَعْجَةٍ وَرُبْعِ عَنْزٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ثَنِيَّةُ مَعْزٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ جَذَعَةُ ضَأْنٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَرْحَبِيَّةً وَعَشَرَةٌ مَهْرِيَّةً أَخَذَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي بِنْتَ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ أَرْحَبِيَّةً وَخُمُسَيْ مَهْرِيَّةً. وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْبَقَرِ الْعِرَابِ ثَلَاثُونَ وَمِنْ الْجَوَامِيسِ عَشْرٌ أُخِذَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُسِنَّةٌ مِنْ الْعِرَابِ وَعَلَى الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ مُسِنَّةٌ مِنْهَا بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ مِنْهَا وَرُبْعِ جَامُوسَةٍ. (وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيضَةٌ وَلَا مَعِيبَةٌ) بِمَا تُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ (إلَّا مِنْ مِثْلِهَا) أَيْ مِنْ الْمَرِيضَاتِ أَوْ الْمَعِيبَاتِ وَيَكْفِي مَرِيضَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَمَعِيبَةٌ مِنْ الْوَسَطِ. وَقِيلَ: تُؤْخَذُ مِنْ الْخِيَارِ وَلَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ أَوْ إلَى سَلِيمَةٍ وَمَعِيبَةٍ أُخِذَتْ صَحِيحَةٌ وَسَلِيمَةٌ بِالْقِسْطِ فَفِي أَرْبَعِينَ شَاةً نِصْفُهَا صِحَاحٌ وَنِصْفُهَا مِرَاضٌ، وَقِيمَةُ كُلِّ صَحِيحَةٍ دِينَارَانِ وَكُلِّ مَرِيضَةٍ دِينَارٌ تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِقِيمَةِ نِصْفِ صَحِيحَةٍ وَنِصْفِ مَرِيضَةٍ مِمَّا ذُكِرَ وَذَلِكَ دِينَارٌ وَنِصْفٌ. وَكَذَا لَوْ كَانَ نِصْفُهَا سَلِيمًا وَنِصْفُهَا مَعِيبًا كَمَا ذُكِرَ (وَلَا) يُؤْخَذُ (ذَكَرٌ إلَّا إذَا وَجَبَ) كَابْنِ لَبُونٍ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ. وَكَالتَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ (وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا) وَوَاجِبًا فِي الْأَصْلِ أُنْثَى يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ بِسِنِّهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ لَبُونٍ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا لِئَلَّا يُسَوِّيَ بَيْنَ النِّصَابَيْنِ. وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا يَكُونُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ السِّتِّ وَثَلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ، وَهِيَ خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ. وَعَلَى هَذَا تُؤْخَذُ أُنْثَى دُونَ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ مَحْضِ الْإِنَاثِ بِأَنْ تَقُومَ الذُّكُورُ بِتَقْدِيرِهَا إنَاثًا وَالْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةُ عَنْهَا. وَتُعْرَفُ نِسْبَةُ قِيمَتِهَا مِنْ الْجُمْلَةِ ثُمَّ تُقَوَّمُ ذُكُورًا وَتُؤْخَذُ أُنْثَى قِيمَتُهَا مَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا إنَاثًا أَلْفَيْنِ، وَقِيمَةُ الْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةِ عَنْهَا خَمْسِينَ وَقِيمَتُهَا ذُكُورًا أَلْفًا أُخِذَ عَنْهَا أُنْثَى قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْوَجْهَانِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. أَمَّا الْغَنَمُ فَيُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَالْمُنْقَسِمَةُ مِنْ الثَّلَاثِ إلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا إلَّاالْإِنَاثُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ إنَاثًا (وَفِي الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ فِي الْجَدِيدِ) كَأَنْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ عَنْهَا مِنْ الثَّلَاثِ فَيَبْنِي حَوْلَهَا عَلَى حَوْلِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْقَدِيمُ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا إلَّا كَبِيرَةٌ لَكِنْ دُونَ الْكَبِيرَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْكِبَارِ فِي الْقِيمَةِ. وَحَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ أَيْضًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْتَهِدُ السَّاعِي فِي غَيْرِ الْغَنَمِ وَيَحْتَرِزُ عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَيَأْخُذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. وَلَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ كَبِيرَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ تُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ (وَلَا) تُؤْخَذُ (رُبَّى وَأَكُولَةٌ) وَهُمَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدُ بِالنِّتَاجِ وَالْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ (وَحَامِلٌ وَخِيَارٌ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) بِذَلِكَ. وَالرُّبَى يُطْلَقُ عَلَيْهَا الِاسْمُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ وِلَادَتِهَا. وَالْجَوْهَرِيُّ عَنْ الْأُمَوِيِّ: إلَى شَهْرَيْنِ. وَحُكِيَ خِلَافًا فِي أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمَعْزِ أَوْ تُطْلَقُ عَلَى الضَّأْنِ أَيْضًا. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ غَيْرُهُ وَالْبَقَرُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ فِي مَاشِيَةِ) نِصَابٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ. (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمُشْرَعِ) أَيْ مَوْضِعِ الشُّرْبِ بِأَنْ تُسْقَى مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مِنْ مِيَاهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. (وَالْمَسْرَحِ) الشَّامِلِ لِلْمَرْعَى أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَسْرَحُ إلَيْهِ لِتَجْتَمِعَ وَتُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى وَالْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ لِأَنَّهَا مُسَرَّحَةٌ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَكَانَ أَوْضَحَ. (وَالْمُرَاحِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَمَوْضِعِ الْحَلَبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ. وَحُكِيَ سُكُونُهَا وَهُوَ الْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. (وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ فِي الْأَصَحِّ) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي الْفَحْلِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الرَّاعِي، وَلَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهِ لَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفُحُولُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدِهِمَا أَمْ مُسْتَعَارَةً. وَظَاهِرُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْفَحْلِ فِيمَا يُمْكِنُ بِأَنْ تَكُونَ مَاشِيَتُهُمَا نَوْعًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَالِبِ وَالْمَحْلَبِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، فَمَجْمُوعُ الشَّرْطِ بِاتِّفَاقٍ وَاخْتِلَافِ عَشَرَةٍ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةٌ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي، نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لَكِنْ ضُعِّفَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَخْلِطَاهَا وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَرْبَعُونَ فَيُفَرِّقَاهَا فَخَلْطُ عِشْرِينَ بِمِثْلِهَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَأَرْبَعِينَ بِمِثْلِهَا يُقَلِّلُهَا وَمِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ بِمِثْلِهَا يُكْثِرُهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّاعِي وَالْفَحْلِ يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَوْضِعِ الْإِنْزَاءِ وَالْمُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الْخُلْطَةِ. قَالَ: الْخُلْطَةُ تُغَيِّرُ أَمْرَ الزَّكَاةِ بِالتَّكْثِيرِ أَوْ التَّقْلِيلِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْثِرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَرِضَاهُ، وَلَا أَنْ يُقَلِّلَ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ. وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ أَهْلُ الزَّكَاةِ احْتِرَازٌ عَنْ غَيْرِهِ. فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا أَثَرَ لِلِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ بَلْ إنْ كَانَ نَصِيبُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِصَابًا زَكَّاهُ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ جَمِيعَ السَّنَةِ. فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ خَلَطَا غُرَّةَ صَفَرٍ فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْجَدِيدِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمُحَرَّمِ شَاةٌ. وَفِي الْقَدِيمِ نِصْفُ شَاةٍ وَتَثْبُتُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَطْعًا. وَإِذَا خَلَطَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ وَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ رَجَعَ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا، أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِه، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (وَالْأَظْهَرُ تَأْثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ) بِاشْتِرَاطٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَالثَّانِي لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا فِي خُلْطَةِ الْمَاشِيَةِ مِنْ نَفْعِ الْمَالِكِ تَارَةً بِتَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَالثَّالِثُ تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ. وَقِيلَ لَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجُوَارِ فِي النَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) أَيْ فِي خُلْطَةِ الْجُوَارِ (النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ (وَالدُّكَّانُ وَالْحَارِسُ وَمَكَانُ الْحِفْظِ وَنَحْوُهَا) كَالْمُتَعَهِّدِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَفُّ نَخِيلٍ أَوْ زَرْعٍ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، أَوْ كِيسُ دَرَاهِمَ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ أَمْتِعَةِ تِجَارَةٍ فِي دُكَّانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَالرَّافِعِيُّ عَلَّلَ تَأْثِيرَ الْخُلْطَةِ بِالِارْتِفَاقِ بِاتِّحَادِ النَّاطُورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّحَادَ الْمَاءِ وَالْحِرَاثِ وَالْعَامِلِ وَجَذَّاذِ النَّخْلِ وَالْمُلَقِّحِ وَاللَّقَّاطِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْمِيزَانُ لِلتَّاجِرَيْنِ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ وَالْبَيْدَرِ ا ه. وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ مَوْضِعُ دِيَاسِ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا.
(وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ الزَّكَاةُ فِيهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (شَرْطَانِ) أَحَدُهُمَا (مُضِيُّ الْحَوْلِ فِي مِلْكِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ حَدِيثَ:«لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» (لَكِنْ مَا نَتَجَ مِنْ نِصَابٍ يُزَكَّى بِحَوْلِهِ) أَيْ النِّصَابُ بِأَنْ وُجِدَ فِيهِ مَعَ مُقْتَضٍ لِزَكَاتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَمِائَةِ شَاةٍ نَتَجَ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ، فَتَجِبُ شَاتَانِ وَكَأَرْبَعِينَ شَاةً وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ مَاتَتْ وَتَمَّ حَوْلُهَا عَلَى النِّتَاجِ فَتَجِبُ شَاةٌ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَلَوْ وَاحِدَةً وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ. وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ عَظِيمٌ فَتَتَبَّعْ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ، وَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ وَمَا نَتَجَ مِنْ دُونِ نِصَابٍ وَبَلَغَ بِهِ نِصَابًا يُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ إلَى مَا عِنْدَهُ (فِي الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ مِثَالُهُ مِلْكُ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِلثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَا يُضَمُّ فِي النِّصَابِ كَالْحَوْلِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْعَشْرِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الثَّلَاثِينَ فَيَسْتَأْنِفُ حَوْلَ الْجَمِيعِ. (فَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ (النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ صُدِّقَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَهُ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ. وَنَحْوُهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَأَعَادَهَا فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ كِتَابِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. وَقَالَ: إنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا الَّذِي لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَمُسْتَحَبَّةٌ. وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فِيمَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ كَقَوْلِهِ: كُنْت بِعْت الْمَالَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ اشْتَرَيْته، وَاتَّهَمَهُ السَّاعِي فِي ذَلِكَ فَيُحَلِّفُهُ. قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا الْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ فَامْتَنَعَ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُخِذَتْ مِنْهُ لَا بِالنُّكُولِ بَلْ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ أَيْ لَهَا. (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَوْلِ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَادَ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَادَلَ بِمِثْلِهِ) كَإِبِلٍ بِإِبِلٍ أَوْ بِنَوْعٍ آخَرَ كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ (اسْتَأْنَفَ) الْحَوْلَ لِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ بِمَا فَعَلَهُ. وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْفِرَارُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ وَقِيلَ حَرَامٌ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (كَوْنُهَا سَائِمَةً) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إلَى آخِرِهِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ وَقِيسَ عَلَيْهَا مَعْلُوفَةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ«فِي كُلِّ سَائِمَةِ إبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ». قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ فِي الْبَيَانِ (فَإِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِفَتْ دُونَ الْمُعْظَمِ (فَالْأَصَحُّ إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَجَبَتْ) زَكَاتُهَا لِقِلَّتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَعِشْ بِدُونِهِ أَوْ عَاشَتْ بِدُونِهِ مَعَ ضَرَرٍ بَيِّنٍ (فَلَا) تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ عَنْ الْعَلَفِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا تَصْبِرُ الثَّلَاثَةَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا يُعَدُّ مُؤْنَةً بِالْإِضَافَةِ إلَى رِفْقِ الْمَاشِيَةِ فَلَا زَكَاةَ. وَإِنْ اُحْتُقِرَ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَجَبَتْ وَفُسِّرَ الرِّفْقُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْهُ رِفْقُ إسَامَتِهَا. فَإِنَّ فِي الرَّعْيِ تَخْفِيفًا عَظِيمًا. وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ الْإِسَامَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَلَفِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ. وَالرَّابِعُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ عَلَفِ مَا يَتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ: أَمَّا عَلَفُ مَا لَا يَتَمَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ قَطْعًا وَمِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ تُسَامُ نَهَارًا وَتُعْلَفُ لَيْلًا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. وَلَوْ قَصَدَ بِالْعَلَفِ قَطْعَ السَّوْمِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ لَا مَحَالَةَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلَفِ (وَلَوْ سَامَتْ) الْمَاشِيَةُ (بِنَفْسِهَا أَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ فِي حَرْثٍ) (نَضْحٌ) وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ (وَنَحْوُهُ) كَحَمْلِ غَيْرِ الْمَاءِ (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَى اعْتِبَارِ الْقَصْدِ فِي السَّوْمِ وَعَدَمِهِ فِي الْعَلَفِ وَفِي الثَّالِثَةِ إلَى أَنَّ الْعَوَامِلَ اقْتِنَاؤُهَا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلنَّمَاءِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ وَالثَّانِي يَقُولُ الِاسْتِعْمَالُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ بِإِسَامَتِهَا، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيَّ«لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْءٌ». قَالَ: ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
(وَإِذَا وَرَدَتْ مَاءً أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ) وَلَا يُكَلِّفُهُمْ السَّاعِي رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْمَرَاعِيَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَإِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ.، قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ«تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» وَحَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ«تُؤْخَذُ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ» وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْحَالَيْنِ. (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي عَدَدِهَا إنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا فَتُعَدُّ عِنْدَ مَضِيقٍ) تَمُرُّ بِهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ يُصِيبَانِ بِهِ ظَهْرَهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَدِّ وَكَانَ الْوَاجِبُ يَخْتَلِفُ بِهِ أَعَادَ الْعَدَّ. أَوْ الْمَالِكُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرُ الْعَالِمِ بِالسَّوْمِ أَوْ غَيْرُ الْعَالِمِ بِأَنَّهَا نِصَابٌ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ الْغَاصِبُ لَهَا أَوْ الْوَارِثُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمِلْكِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا نِصَابٌ، وَنَائِبُ الْمَالِكِ مِثْلُهُ، وَلَوْ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ حَاكِمًا كَانَ رَدَّهَا لَهُ غَاصِبٌ نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِإِسَامَةِ وَلِيِّ الْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (عَوَامِلَ) أَيْ وَلَوْ فِي مُحَرَّمٍ كَقَطْعِ طَرِيقٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاشِيَةِ الْحِلُّ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّقْدِ الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَلَفِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرًا أَيْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْعَلَفِ لِلْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، كَمَا لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ فِي السَّوْمِ فَيَضُرُّ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنَّ الْعَوَامِلَ) وَيَكْفِي فِي عَمَلِهَا قَدْرُ زَمَنِ الْعَلَفِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ وَلَا يَضُرُّ مَا دُونَهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ سَوْمَهَا بِنَفْسِهَا كَعَلَفِهَا. وَكَذَا إسَامَةُ نَحْوِ غَاصِبٍ مِمَّنْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُيُوتٌ بِأَنْ لَازَمُوا النُّجْعَةَ لَزِمَ السَّاعِيَ الذَّهَابُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ الْمَاشِيَةُ لَزِمَ الْمَالِكَ تَسْلِيمُ الْوَاجِبِ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى عِقَالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّمْكِينِ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَقَاتَلْتهمْ انْتَهَى. وَالْأَفْنِيَةُ كَالْبُيُوتِ وَهِيَ الرِّحَابُ أَمَامَ الْبُيُوتِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُخْرِجُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ عَدَّهَا. قَوْلُهُ: (فَتُعَدُّ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ فِي الْعَدِّ غَرَضٌ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَعْدَ الْعَدِّ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (أَعَادَا) بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الْعَائِدُ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَيْ وُجُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ.